نجمه بالسما مشرفة الحزن الاسلامى
عدد المساهمات : 382 تاريخ التسجيل : 21/03/2011
| موضوع: ما حُـكم الإعراض عن المتسولِّين عند إشارات المرور أو في المساجِد ؟ الإثنين أبريل 11, 2011 8:26 am | |
| السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فضيلة الشيخ حفظكم الله . قال تعالى : ( وأما السائل فلا تنهر ) . فهل يدخل في هذا ( المتسولين ) عن الإشارات المرورية ؟ فأحوال الناس - التي رأيتها - معهم كالتالي : 1/ معرض عنهم ولا يلتفت إليهم ألبتة كأنه متكبر . 2/ يمد أصبعه كالشهادتين إلى أعلى ، بمعنى السؤال هو من الله تعالى وهو المعطي الرازق . 3/ من يعطيهم ما يفتح الله عليه به . السؤال : هل الحالة الأولى ، والثانية يدخل أصحابها في النهي من الآية الكريمة ( وأما السائل فلا تنهر ) ؟ وما هو معناها ؟ وما هو الواجب في التعامل مع المتسولين من هذه النوعية ؟ لأن الواحد منَّا يخشى إيذاء أمثال هؤلاء الفقراء حين يأتون إليه عند نافذة السيارة يطلبون الإعانة .
الجواب
اختُلِف في تفسير آية الضحى ( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ )
فقال ابن الجوزي : ( وَأَمَّا السَّائِلَ ) ففيه قولان : أحدهما : سائل البِرّ ، قاله الجمهور ، والمعنى إذا جاءك السائل فإما أن تعطيه وإما أن تردّه ردّاً ليّنا ، ومعنى فلا تنهر : لا تنهره يقال نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره . والثاني : أنه طالب العلم . اهـ .
وأما من يسأل الناس تكثّراً فلهم أن يردّوه
وعلامة السائل الذي يسأل الناس تكثّراً أنه لا يقبل اليسير ! ولا يقبل الطعام بل لا يُريد سوى الدراهم ! ولو عرضت على سائل طعاماً من أطيب الطّعام ما أخذه ، وهذا دليل على أنه ليس بمحتاج . وقد ثبت أن بضعهم أو كثيراً منهم يسأل الناس تكثّراً ، بل بعضهم يُمثّل دور عاجز أو مُقعد – نسأل الله السلامة والعافية – ليأخذ أموال الناس . وحدثني غير واحد ممن أثق بهم عن مثل ذلك . أما الأول : فهو يُمثّل دور أعمى ، فقام يسأل الناس في المسجد ، وطفل يُمسك بيده ! ثم تفاجأ به في السوق وهو الذي يقود الطفل ! وأما الثاني : فهو قد قعد على عربة المعوقين ، فجاءه موظف مكافحة التّسوّل ، وقال له : فلان ! ( باسمه ) قُـم ! قال : كيف أقوم وأنا مُعوّق ؟! قال : قُـم ! فشدّه وجبذه بيده فقام معه يمشي !
وهؤلاء الذين يتسوّلون عند الإشارات أكثرهم أطفال يُتاجر بهم ذويهم ، وتعويد الأطفال على سؤال الناس أمر لا يليق ولا يجوز ؛ لأن النفس على ما تعوّدت عليه .
ولردّ السائل في مثل هذه الحال أصل ، وهو أن القوي المكتسب لا حظّ له في الصدقة .
فقد روى مسلم من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال : تحمّلت حَمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها . قال : ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمّل حَمالة فحلّت له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت مالَه فحلّت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - ، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلّت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سُحتا يأكلها صاحبها سحتا .
وعند الإمام أحمد وأبي داود والنسائي من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة ، فقلّب فيهما البَصَر ، فرآهما جلدين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب .
وأرى إغلاق باب المسألة عند إشارات المرور وفي الطرقات حماية لهم أولاً من أيدي العابثين - فإنك ترى أحيانا بُنيّات يتسوّلن عند إشارات المرور ، وفي الطّرقات – وحماية لهم من حوادث الطّرُق . وحماية لأنفسهم من الامتهان .
ومنع السُّـؤال في المساجد والجوامع له أصل
فقد كان عكرمة إذا رأى السُّـؤال يوم الجمعة سبّهم ويقول : كان ابن عباس يسبهم ويقول : لا تشهدون جمعة ولا عيدا إلا للمسألة والأذى ، وإذا كانت رغبة الناس إلى الله كانت رغبتهم إلى الناس .
وعقّب عليه الإمام الذهبي بقوله : قلت : فكيف إذا انضاف إلى ذلك غِنىً ما عن السؤال ، وقوة على التكسب .
وقد جاء في ترجمة ابن جرير الطبري رحمه الله أن المكتفي أراد أن يحبس وقفاً تجتمع عليه أقاويل العلماء ، فأُحضِر له ابن جرير ، فأملى عليهم كتابا لذلك ، فأُخرِجت له جائزة ، فامتنع من قبولها ، فقيل له : لا بد من قضاء حاجة . قال : أسأل أمير المؤمنين أن يمنع السُّـؤال يوم الجمعة ، ففعل ذلك .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن السؤال في الجامع : هل هو حلال أم حرام أو مكروه ؟ وأن تركه أوجب من فعله ؟
فأجاب رحمه الله :
الحمد لله أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة ، فإن كان به ضرورة وسأل في المسجد ولم يؤذِ أحدا بتخطيه رقاب الناس ولا غير تخطيه ، ولم يكذب فيما يرويه ويَذكُر من حاله ، ولم يجهر جهرا يضرّ الناس ، مثل أن يسأل والخطيب يخطب ، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ، ونحو ذلك ؛ جاز ، والله أعلم . اهـ .
وكثير ممن يقف اليوم ويسأل الناس في المساجد يرتكب هذه المحظورات : فيسأل من غير ضرورة
ويؤذي المصلِّين ، وربما كان كالذي يُلقي موعظة ! ويتظاهر بعضهم بالمرض أو بالعاهة ، أو يحمل معه من يستدر به عطف الناس ، وربما كان مُسِنّـاً أو طفلا مستأجرا لهذا الغرض .
والله تعالى أعلى وأعلم .
| |
|